ونبدأ بمن ندعو رب الكون ليل نهار، أن يمتعه بالمزيد والمزيد من الصبر وطول البال، علي بعض الأشرار في صحف محور الشر، وأحقادهم عليه، مثل صاحبنا اليساري إبراهيم السايح، الذي قرأ في احدي الصحف أن مرتب رئيس الجمهورية في الشهر أربعة آلاف جنيه، فانطلق يقول ::تصور أخي المواطن كيف يعيش رئيس دولتك بأربعة آلاف جنيه شهريا بينما يتقاضي أحد موظفيه السابقين : د. عاطف عبيد ـ نصف مليون دولار كل شهر، ويتقاضي أحد موظفيه الحاليين ـ رئيس مصلحة الضرائب ـ مليون جنيه مصري شهريا ويتقاضي وزير داخليته عدة ملايين وكذلك وزير بتروله ورؤساء جامعاته ومديرو الأمن في المحافظات الكبري. صحيح أن رئيس الجمهورية ليست لديه أعباء عائلية بعد أن تزوج نجلاه واستقل كل منهما بحياته ولكن صحيح أيضا أن الأربعة آلاف جنيه لا يمكن أن تفي بالحاجات الأساسية لأي شخص عادي من سكان ضاحية مصر الجديدة فكيف تكفي السيد الرئيس الذي يسكن هذه المنطقة الارستقراطية ويشتري السلع الضرورية بنفس الأسعار المرتفعة المقررة هناك؟.
مشكلة السيد الرئيس أنه لا يستطيع زيادة دخله الشهري مثلما يفعل أي موظف كبير أو صغير.
ماذا يفعل الرئيس إذن بهذا المرتب الزهيد؟؟؟ هل يلجأ مثلا لاســتبدال المعاش أو دخـــول جمعيات مع المقربين من سيادته مثل زكـــريا عزمي وأحمــد نظيف؟ أم أنه سوف يطالب بكادر رئاســــي خـــاص كالسادة المدرســين والأطبــاء وموظفي الضــرائب العقـــارية؟ سيدي الرئيس كان الله في عون فخامتكم فحتي الـ30% سخطها يوسف بطرس غالي وبددتها حكومة أحمد نظيف!! ربنا معاك يا ريس شدة وتزول .
لا، لا، هذا استفزاز غير مقبول لأمثالي وقد فكرت ان ارفع دعوي قضائية ضدصحبنا اليسارى ابراهيم السايح، لولا معرفتي الكاملة أن هذا سيغضب بارك الله فيه، لأنه يشجع علي ممارسة الديمقراطية، وأن يهاجمه أصحاب مارس وانجلز ولينين لمعرفته بمصيرهم يوم الحشر العظيم.
وهو ـ إن شاء الله ـ سيكون مصير كبير الحاقدين والنفاثين في العقد، زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسي رئيس تحرير إحدي أبرز صحف محور الشر، واسمها الدستور ، لقوله يوم الخميس قولا عجبا، من نوع:
ليس رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الوحيد الذي يحكم منذ 28 عاما بلدا في أفريقيا ولدينا في مصر الرئيس مبارك يحكم منذ 27 عاما ثم في ليبيا يحكم القذافي منذ 39 عاما فلماذا انقلب الغرب والأمريكان غضبا ولعنا علي موغابي بينما يرعي الغرب ذاته والأمريكان أنفسهم نظام الرئيس مبارك هل لأن موغابي يقوم بتزوير الانتخابات؟! يا سلام، طيب ما كل انتخابات نظام الرئيس مبارك مزورة، شعب، شوري، رئاسة، كله علي كله، هل الغرب غاضب من وعلي موغابي لأن حزبه يحتكر السلطة ويقمع المعارضين ويسجن المنافسين يا سلام يا سلامين ما مصر بجلالة قدرها يحكمها حزب محتكر للسلطة وللحديد وللبشر ويرمي بمعارضيه في السجن أو المنفي أيهما أقرب، لا فرق بين حزب موغابي وحزب مبارك فإنهما كالأخوين التوأم نفس الشبه والملامح إذن لماذا يغضب الغرب من موغابي فقط ويلوح بالعقوبات ويهدد بالتدخل ويندد في البيانات ويحاصر وينذر بإنزال أقسي الإجراءات بينما هو أليف لطيف خفيف مع نظام مبارك أو القذافي وبونجو وكل ديكتاتوريي أفريقيا وحكامها الأبديين، الأمريكان غضبانين قوي علي موغابي، لأنه قال إن الله وحده هو الذي يمكنه إزاحته عن منصب الرئاسة وأنه باق في الحكم حتي آخر نفس ولكننا سمعنا نفس الكلام ربما بنفس الحروف من كل الرؤساء الأبديين الخالدين علي مقاعد السلطة الذين يمنعون أي منافس ويسحقون أي معارض ومع ذلك لم يغضب أو يتغاضب الأمريكان والغرب عندما قال مبارك شيئا من هذا وأنه باق في الحكم حتي آخر نبضة. إذا لا فارق علي الإطلاق بين الرئيسين موغابي ومبارك، إذا كان هذا التشابه واضحا تماما فلماذا تستنفر هيئات الغرب الرسمي والحكومي كل حمم الغضب والضغط علي موغابي، إنهما سببان!
الاول: ابحث عن إسرائيل، نعم إسرائيل فهي شريان حياة نظام مبارك في الغرب الأمريكي والأوروبي حيث يحتاج الغرب والأمريكان بقوة لنظام الرئيس مبارك الصديق لإسرائيل لأداء مهام التهدئة والوساطة والاحتواء لفلسطينيين والضغط والحصار لغزة وحماس، هذا الدور الذي يلعبه النظام المصري هو الضمانة الكاملة لدعمه في اوروبا وأمريكا أو علي الأقل غض البصر والسكوت عن ممارسات الاستبداد المصري التي لا تقل عن ممارسات الاستبداد المصري التي لا تقل عن ممارسات الاستبداد الزيمبابوي.
الثاني: الرأسمالية الغربية، ففي الوقت الذي يفتح فيه نظام مبارك مصر علي البحر للشركات الغربية والأمريكية للتملك في مصر، منشآت ومصانع وبنوك وأراض فإن نظام موغابي يحارب الرأسمالية الغربية ورموزها ورؤوسها في زيمبابوي بل يصادر ملكياتها أو ملكيات وكلائها في زيمبابوي، بينما يتحول رجال الأعمال المصريون إلي توابع ومشاركين وممثلين ووسطاء ووكلاء للرأسمالية الغربية في علاقة مصالح مرعبة.
كان الرئيس روبرت موغابي وهو يتجول بنظراته في قاعة مؤتمر الاتحاد الأفريقي في شرم الشيخ فيري مبارك وزملاءه من مستبدي أفريقيا مطمئنين مرتاحي البال يطبطب عليهم الغرب ويحنو علي أنظمتهم فيقول موغابي في سره: إشمعني أنا والله عنده حق، هيه جت عليه! .
كل هذا الكلام لم يعجبني باستثناء قوله كله علي كله، وهي أغنية المطرب الشعبي أحمد عدوية ـ التي يقول فيها، كله علي كله، لما تشوفه قل له، هو فاكرنا إيه، مش ماليين عينيه، روح قل له حصل إيه، كله علي كله، ولهذا فضلت تذكيركم بها وعدم الإشارة إلي كلام عيسي الآخر.
وبالمناسبة لا هو صديق ولا يحزنون، وكذلك زميله، رئيس التحرير التنفيذي إبراهيم منصور الذي قال بدوره في نفس العدد:
حرص الرئيس مبارك الذي أصر علي عقد اجتماعات قمة الاتحاد الأفريقي بمنتجع شرم الشيخ الذي يقع في القارة الآسيوية بدلا من العاصمة القاهرة هو ما أثار أسئلة كثيرة لدي وفود الدور الأفريقية لأنهم لا يعرفون أن الرئيس مبارك يحب أن يعيش في عالمه الخيالي في شرم الشيخ علي ألا يلتقي روبرت موغابي أو يظهر متلبسا بالتصوير معه حتي لا يمكن أن تزج وسائل الإعلام للمقارنة بين الرئيسين في السيطرة والاستبداد والطغيان كل في بلده، وإشاعة البلطجة وتزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم. فمن السهل جدا المقارنة بين الرئيسين حيث إنهما توليا السلطة في نفس العام، وما شاء الله مازالا مستمرين ويحاولان بكل ما يملكان التخلص من معارضيهما، فالرئيس مبارك بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية بناء علي التعديل السييء السمعة للمادة 76 تخلص من معارضيه فجري عزل رئيس حزب وادخال آخر السجن وهو قريب مما يفعله حاليا روبرت موغابي في زيمبابوي، إنهما أستاذان في فن البقاء في السلطة، لكن الدنيا تتغير وهناك دول أصبحت ديمقراطية ولا ترضي عما يحدث.
وصل الأمر في النهاية إلي إصدار قرار من القمة يتبني دعوة تشكيل حكومة وحدة وطنية في زيمبابوي بعد أكثر من ساعتين من المناقشات التي أظهرت أن هناك دولا أفريقية أصبحت متقدمة في الديمقراطية وبشكل أفضل من حالنا مثل بتسوانا علي سبيل المثال.
وهكذا أصبحت هناك دول أفريقية ديمقراطية ونحن محلك سر .
وقرار إسقاط الديون يأتي في وقت ترهن وزارة المالية الأصول المصرية في الخارج عن طريق السندات التي تباع منذ سنوات في أوروبا والبلدان العربية والضمانة لها هي أصول مصر وتراثها، القرار صدر في وقت يئن فيه الشعب تحت غول ارتفاع الأسعار والاحتكار الذي تمارسه قيادات الحزب الوطني.
وبدلا من ان نطالب باسترداد أموالنا التي دفعها الشعب وإعادتها لأصحابها، صدر قرار منفرد باسقاطها دون أي اعتبار لظروف مجتمع ودولة ودون اعتبار لمؤسسات الدولة، وهذا القرار يؤكد أن مصر مازالت تئن تحت حكم الفرد، الذي لا يضع في ذهنه أي اعتبار أو أوضاع سياسية أو اقتصادية، وما يهمه هو البحث عن مجد شخصي فقط لا غير.
لقد دفعت مصر ثمنا باهظا من أجل جزء من ديونها، دفعت أبناءها لحروب وويلات في صحاري غريبة عنا، تنازلت عن الكثير من أهدافها، وباعت أصول الدولة في مزادات علنية وفي صفقات سرية دفع الشعب المصري الكثير جدا من كرامته وحريته ورغم ذلك مازال يئن تحت وطأة القروض التي لا نعرف أين صرفت، ومن الذي استفاد منها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق