صابر بركات
ما الذي يدعو إعداد كبيرة من العمال إلى التفكير في ضرورة تغيير المجتمع ! انه سوء الأحوال المعيشية التي تخنقهم و المظالم التي تلف حياتهم و ضخامة الفساد الذي بات يزكم أنوفهم ، ومظاهر الدناءة و الانحطاط الخلقي و الاجتماعي التي يشاهدونها بل يعيشونها ، أنهم رغم كدهم و عملهم يتساءلون أي تلك حياة التي نعيشها ؟ وهل يجب أن تكون الحياة بكل هذا السوء ؟ وهل من الضروري تحمل كل ذلك الفقر و الحرمان و الصبر عليه حتى نصل إلى زمن أفضل ؟ هل لنا أن نعيش في مجتمع يقدر العمال و يوفر مستلزمات الحياة لمن يكدون ويوزع الثروة بعدل على المجتمع .و كثيرا ما يتشككون في حتمية ذلك ، و الحق معهم لأنه لا يمكن أن يستمر الأمر هكذا ، أغنياء بلا حدود و فقراء حتى الموت ! لا يمكن أن يستمر مجتمع يملك فيه أصحاب الأعمال كل شيء و يزدادون غنى ويجمعون الثروات من عمل الآخرين ، و عمال يكدون و ينتجون و لا يملكون اى شيء و يزدادون فقرا ! و يتساءلون هل من المستحيل الوصول لمجتمع مختلف من ذلك الذي نعيش فيه ؟ مجتمع تقوم فيه علاقات مختلفة بين الطبقات الاجتماعية المشاركة في بنائه؟ مجتمع يكون هدف النشاط الانسانى فيه تلبية الاحتياجات المادية و الروحية و الثقافية للعمال و لكل المواطنين بعدل و عدم تمييز ، مجتمع يسمح بتكافؤ الفرص و انطلاق المواهب و الإبداع و تحقق الذات لكل مواطنيه ، مجتمع يقدر العمل والجهد و يحرص على تحرير الإنسان من الضغوط و الاستغلال و يتيح الفرصة لكل فرد فيه لكي يكون مسئولا عن المجتمع و الوطن .. شريكا في إدارته لصالح كل المواطنين و الجماعة البشرية و حقهم في تملك مقاديرهم و التحكم في مصائرهم و اختيار أسلوب حياتهم ، أن ذلك بالتحديد هو الاشتراكية التي نسعى إليها و نريدها
وعلينا في ذلك بذل قصارى جهدنا لتحديد هوية المجتمع الجديد الذي نريده و توضيح تفاصيل ما فيه من علاقات و مؤسسات و تنظيمات و طرق التمثيل و الحريات المتاحة فيه لجميع المواطنين و الشفافية و المحاسبية التي يجب إن تعلو قيمتها فوق كل المواطنين ، و علينا في ذلك أيضا فهم و شرح إشكاله الأساسية و هياكله و مؤسساته الاقتصادية و الاجتماعية و الروحية و الثقافية و السياسية و دور النقابات و الأحزاب و الجمعيات و وسائل الإعلام فيه ، و التأكد على أهمية العمل و العمال فيه و تقدير جهدهم و حقوقهم و حرياتهم و أيضا حماية الضعفاء و تدعيم قدراتهم و احتياجاتهم و ضمان اندماجهم و مشاركتهم .
أن العمال بطبيعة علاقاتهم بوسائل الإنتاج ، عمليون و واقعيون ، يوجد لديهم إحساس بالفطرة بأهمية و جدية وحقائق الأمور ، يصدقونها و يؤمنون بها عندما تصدقهم و تمس مصالحهم ، و يتبعون و يشاركون بعد الاقتناع من يثقون في جديته و حقيقة انتمائه لهم و انحيازه لقضاياهم .
أن العمال وهم يحلمون بتغيير المجتمع و التخلص من أنات الاستغلال و الاستبداد يبحثون عن إجابات وضحه و تصورات مقدمة لشكل و طبيعة هذا التغيير المنشود ، إجابات تحمسهم و تضمنهم و تخرطهم في النضال من اجل تحقيقها، لا رغبات و مصالح أناس لا يعرفونهم ولا يفهمون لغتهم و مفرادتهم ولا يتعاطفون معهم ولا يهتمون بأمرهم . فهل لنا أن نتفق ؟ ماذا نريد ؟ ولأي قوى اجتماعية ننتمي ؟ فإذا ما كان الرأسماليون كل الرأسماليين يديرون المشاريع و سائر مؤسسات المجتمع لمصالحهم الأنانية الضيقة وعلى حساب العمال و الطبقات الشعبية و غير المالكين عموما ، فهم عندما يقدمون على ذلك يؤمنون بأنهم يستحقونه و أن ما يفعلونه هو الحق و الصحيح و الصالح العام أيضا و بالتالي فهم يعرفون أكثر من الجميع مستقبلهم و مشاكلهم و خلافاتهم و طرقهم للهيمنة على سائر جوانب الحياة في البلاد و إخضاعها إلى مصالحهم و خططهم و استبعاد الآخرين ، كل الآخرين من المشاركة في إدارة المجتمع ، أن ما أريد التأكيد علية أنه لم يعد إمامنا نحن العمال ، إلا أن نسعى لمجتمع جديد بديل ، كمجتمع اشتراكي .
الملكية فيه جماعية لا يحتكراها شخص أو أشخاص ، ملكية اجتماعية لوسائل الإنتاج الكبرى و مصادر الثروة الطبيعية ، و إطلاق أقصى درجات المبادرة و المسئولية للتعاونيات و الجماعات في الريف و المدينة ، في الحي و القرية في المصنع و المؤسسة و الغيط وان يتم ذلك من خلال أوسع مشاركة و رقابة جماهيرية و شعبية تضمن عدالة التوزيع وسلامة المشاركة و التنفيذ .
وتكون السلطة السياسية فيه لمن يعملون ، للفئات الكادحة سلطة تخضع للرقابة و المحاسبة من الجميع سلطة تؤمن بالديمقراطية بأوسع مدى عرفته البشرية سلطة غير مطلقة النفوذ ولا مفرطة المركزية لا تخنق مبادرات المواطنين ولا تقضى على ملكاتهم ومواهبهم وخصوصياتهم وان تعتمد الشفافية الكاملة في إدارة المجتمع وان تؤمن وتسلم بان الأمر كل الأمر للشعب كل الشعب .
مع ضمان أوسع الحريات الشخصية الفردية و الجماعية والحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للمواطنين وديمقراطية المؤسسات السياسية والإدارية العامة واحترام التصويت والانتخابات العامة وضمان سلامتها وإطلاق حق المنافسة المتكافئة في الوصول للمجالس وضمان المشاركة الفعلية للمواطنين في تسيير شئونهم وضمان الحريات والحقوق النقابية " كاملة ومطلقة " ويجب أن يكون الأساس في دعايتنا ودعوتنا عن المجتمع الجديد البديل عن هذا المجتمع الاستبدادي الاستغلالي المرفوض و المعاند في إعطاء الناس حقوقهم والمغتصب لحرياتهم وحتى لا تكون دعوتنا عديمة الجدوى ولا تساوى شيئا لابد أن يكون حديثنا عن الاشتراكية والمجتمع الاشتراكي وعن مستقبل لوطننا في ظل مجتمع أخر جديد مجتمع لا يعرف الاستغلال أو القهر والاستبداد ، ونعرف مقدما أننا لن نصل لمجتمعنا المنشود هذا في قفزة واحدة آو بضربة قاضية بل سنكافح طويلا وبكل ما أوتينا من عزم وقوة وثبات على المبدأ ومن اجله وسنواجه انتصارات كثيرة وربما هزائم أكثر فى طريقنا أليه لكن علينا أن نؤمن وان نثق انه لا طريق أمامنا غير ذلك للانعتاق من الظلم والاستغلال والاستبداد والفساد ولبلوغ الحرية والعدالة
فهل لنا أن نتفق ؟ أو نفكر في الآمر على أمل اللقاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق