لقاء العمــــــــــــال و البرادعي
كتب- سعود عمر.
شهد الشارع المصري حالة كبيرة من الحراك السياسي في الفترة الأخيرة وزاد هذا الحراك بدخول الدكتور البرادعي فيها كطرف فاعل ومؤثر، في هذا السياق قام الرجل بعمل مقابلات ولقاءات مع عدد كبير من أطياف المجتمع المختلفة سواء من رموز السياسة المصرية أو الشباب أو الفنانيين أو في الفترة الأخيرة “العمال”، تأتي زيارة العمال للبرادعي بناءا علي طلبة وبإلحاح منه حسب تعبيره، وكان الوفد الذي التقي البرادعي من العمال يضم قدر كبير من التنوع سواء من حيث التوجهات والإنتماءات السياسية بالإضافة إلي إنتماءاتهم لأماكن عمل مختلفة وأماكن جغرافية مختلفة، وكان الطابع الغالب عليهم أنهم القيادات العمالية في الفترة الأخيرة.
لم يكن الهدف من الزيارة إعلان العمال التأييد للدكتور البرادعي ولكن كان الهدف منها بالإساس هو التعارف المتبادل، فقد أراد الدكتور البرادعي أن يتعرف علي المشاكل والمعضلات الإقتصادية والإجتماعية التي يتعرض لها العمال وكذلك رؤيتهم للتغيير وماذا يريدون من التغيير القادم، وعلي الناحية الأخري أراد العمال أن يتعرفوا علي ما يطالب به البرادعي.
عرض العمال للإنتهاكات الصارخة التي يتعرضون لها حول حقهم في التنظيم والتجمع وما يحدث للقيادات العمالية من تعسف سواء من قبل الإتحاد العام أو من إدارة الشركات والمرافق التي يعملون لديها، كذلك عرضوا لمشاكلهم الإقتصادية من تدني الأجور وعدم وجود ضمانات صحية وإجتماعية وسوء بيئة العمل، وقد كانت هناك وجهة نظر تكاد تكون واحدة من العمال علي اختلاف توجهاتهم السياسية، حيث أكدوا جميعا أنه لن يكون هناك تغيير حقيقي في مصر إلا إذا كان العمال في قلب هذه المعركة وفي قيادة حركة التغيير.
أثني البرادعي كثيرا علي اللقاء وأكد أنه من أفضل اللقاءات التي عقدها في الفترة منذ رجوعه واستقراره في مصر، كما أكد أيضا أن العمال يملكوا قدرة كبيرة جدا علي رصد العلاقة بين مطالبهم الإجتماعية الفئوية وبين المطالب الديمقراطية العامة، كما أكد علي حقهم في تكوين نقاباتهم واتحاداتهم بحرية تامة وحق الجميع في العيش حياة كريمة وعادلة.
وأري في النهاية أن البرادعي يملك خطا سياسيا مرجعيته الأساسية المعاهدات والمواثيق الدولية المنظمة للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية، وأن هذا الطرح هو سر التقاء والتفاف تيارات سياسية متباعدة ومتنافرة حوله، فبحديثه عن الحق في التنظيم والتجمع وما يكفله من منح حق انشاء الأحزاب السياسية دعا القوي المحجوبة عن الشرعية مثل “الإخوان والشيوعيين” أن ينجذبوا له وللجمعية التي يترأسها، وأيضا حديثه عن الحق في التعبير وحرية الإعتقاد جعل أفكاره ومطالبه بمثابة نقطة التقاء بين فئات وشرائح إجتماعية تعاني من الإضطهاد والتضييق، وكذلك حديثه عن العدالة الإجتماعية وعن ضرورة أن ينال كل مواطن نصيب عادل ومقبول من الدخل جعل بعض الحركات الإجتماعية يتطلعون الي دعوته بكثير من الأمل.
في النهاية لا أحد ينكر أن دخول البرادعي واشتباكه مع معركة التغيير أحدث حراكا في الشارع المصري، ويبقي في النهاية أن نشير الي أنه لإنجاح عملية التغيير لابد من خلق أطر تنظيمية مرنة قادرة علي إستيعاب ناشطين من تيارات سياسية مختلفة بالإضافة الي أنه هناك ضرورة ماسة الي وجود أساليب عمل جماهيري غير تقليدية قادرة علي نقل أفكار حركة التغيير إلي القري والنجوع والمصانع في كل أنحاء مصر، ذلك أن التغيير إذا أردنا أن نتحدث عنه لن يكون إلا بتعبئة وحشد جماهير الشعب المصري من “عمال وفلاحين وصغار موظفين وطلاب”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق