الاثنين، فبراير 28، 2011

التعديلات الدستورية - رؤية المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

المركز يرحب ببعض المقترحات الدستورية

ويقدم انتقادات لبعضها الآخر

28 فبراير 2011

أعلنت لجنة المستشار طارق البشرى تصوراتها حول التعديلات الدستورية المقترحة، وإذ يُثمن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كل ما قامت به اللجنة من جهود خلال هذا الأجل الضيق الذي كان متاحا لها لإنجاز مهام عملها، ويعلن تأييده للعديد من المقترحات وترحيبه بها مثل فترات الرئاسة، ومدتها، وطريقة إعلان حالة الطوارىء أو مدها، إلا أنه في نفس الوقت يعلن اختلافه مع بعض المقترحات التي أعلنتها اللجنة، ويقدم رؤى بديله لها ويتطلع إلى بحث اللجنة والمجلس العسكري هذه الرؤى، والاستجابة لها، ونوجزها فيما يلي:

1- يختلف المركز مع ما ورد بالمادة 75 من اشتراط عدم زواج المرشح الرئاسي من غير مصرية فهذا الشرط يخالف مبادىء المحكمة الدستورية التي قضت في الحكم رقم 23 لسنة 16 قضائية بعدم دستورية البند السادس من المادة 73 من قانون مجلس الدولة والتي كانت تشترط على من يعين بالقضاء ألا يكون متزوجا من أجنبية حيث أكدت المحكمة أن اختيار الزوج/ه جزء من الحرية الشخصية التي لا يجوز تقيدها ووصفت مثل هذا الشرط بأنه يهدر الحق في المساواة بين المواطنين والحق في تكافوء الفرص بينهما، وبالتالي قضت بعدم دستوريته، ومن ثم لا يقبل وضع مثل هذا القيد في نص دستوري على حق من الحقوق العامة.

كما يختلف المركز مع ما ذهبت إليه التعديلات المقترحة فى نفس المادة من جعل الحد الأدنى لسن الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية 40 سنة، وكذلك يختلف مع تجاهلها وضع حد أقصى لسن المرشح، فالأصل الدستوري أنه لا يجوز الفصل بين حقي الانتخاب والترشيح باعتبارهما حقين متلازمين فمن يملك حق الانتخاب يملك حق الترشيح.

وإذ قدرت اللجنة الخروج عن الأصل العام واستندت لتقديرات أعضائها فنعتقد أنها جانبها الصواب فى هذا الصدد، ونقترح ألا يقل سن المرشح عند تقديم أوراق الترشيح عن 35 سنة حتى نفتح الباب لقاعدة أوسع من المواطنين، ولما كانت مدة الرئاسة فى التعديلات المقترحة محددة بأربع سنوات نقترح النص فى المادة 75 على ألا يزيد سن المرشح وقت تقديم أوراق الترشيح عن 66 سنة وذلك حتى لا يتجاوز عمر رئيس الجمهورية 70 عاما.

2- يختلف المركز مع ما ذهبت إليه المادة 76 من اشتراط قبول أوراق الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية تأييد ثلاثون عضوا من مجلسي الشعب والشورى لطلب المرشح، أو تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطن من خمس عشرة محافظة، إذ يرى المركز أن هذه الفقرة تعد قيدا على حق الترشيح، ويطالب المركز بالاكتفاء بما ورد من شروط في المادة 75 وأن نترك للشعب المفاضلة بين المرشحين عبر الانتخابات، فلا يجب أن نثقل الحق في الترشيح بالعديد من القيود التي تقلص دائرة الاختيار بين الناخبين، وان نلتزم بالأصل العام بأن من يملك حق الانتخاب يملك حق الترشيح، ولا نخرج على هذا الأصل إلا في أضيق الحدود.

3- كما يختلف مع ما ذهبت إليه المادة 76 من جعل قرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية نهائية ونافذة بذاتها وغير قابله للطعن عليها، ويطالب المركز بعدم تحصين أي عمل أو قرار عن رقابة القضاء فمهما كانت المهام التي تقوم بها اللجنة، ومهما كان تقديرنا لأعضائها -المحددين بطريقة موضوعية في المقترحات- فمن غير المقبول إهدار الحق في التقاضي باعتباره أهم صورة من صور الرقابة الشعبية لضمان صحة ونزاهة العملية الانتخابية.

4- الفقرة الأولى من المادة 88 نصت على عرض القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية قبل إقراره، وهو ما يعنى انحياز اللجنة للرقابة الدستورية السابقة على اقرار القانون، ونختلف مع هذا الانحياز لأنه يحصن القانون من إمكانية الطعن على نصوصه أمام المحكمة الدستورية العليا. لذا نرى الاعتصام برقابة المحكمة الدستورية اللاحقة على صدور القانون فمن ناحية تجريب القانون في الواقع العملي قد يوضح مثالبه التي لم تتضح من ظاهر النص، كما أن الرقابة اللاحقة تكفل حقوق الدفاع وتتيح لأبناء الشعب عبر محاميهم تفنيد عيوب النص، ومدى مخالفته للدستور.

أما الفقرة الأخيرة من المادة 88 فتنص على إجراء الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من الهيئات القضائية وهو ما يتيح إشراف أعضاء من هيئة قضايا الدولة على عمليات الانتخاب الأمر الذى لا يستقيم مع طبيعة وظيفة أعضائها كمحامين للحكومة يتولوا الدفاع عنها أمام المحاكم، فلا يعقل أن تكون هيئة قضايا الدولة مشرفه على الانتخابات، وفى اليوم التالي تقف كخصم في القضايا التي يرفعها المواطنون طعنا في إجراءاتها، فكيف تكون خصما وحكما في نفس الوقت.

5- المادة 93: تحيل للمحكمة الدستورية الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب، ونرى أنه من الملائم أن يترك أمر الفصل في مثل هذه المنازعات للمحكمة الإدارية العليا أو لمحكمة النقض، وأن تظل الدستورية العليا تمارس مهامها برقابة دستورية القوانين، والتفسير، وتنازع الاختصاص، دون أن نثقلها بمهام أخرى.

6- المادة 139: تتيح لرئيس الجمهورية اختيار نائبه دون أن يكون منتخبا من الشعب، ويطالب المركز بأن يكون نائب الرئيس منتخبا من الشعب مثل الرئيس.

7- يختلف المركز مع ما ذهبت إليه الفقرة الأخيرة من المادة 189 والتي جعلت تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من مائة عضو من أعضاء مجلسي الشعب والشورى من غير المعينين، ويطالب المركز بأن تكون الجمعية التأسيسية من الكفاءات التي تمثل جميع القوى السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية وكافة الفئات والمهن، فمن ناحية فقد لا تكون كل هذه الأطياف ممثلة في المجلسين، ومن ناحية ثانية فهذه التعديلات ستجعل القوى السياسية صاحبة الأغلبية في المجلسين تنفرد بوضع الدستور لنعود مرة أخرى لدائرة جهنمية تجعل الليلة أشبه بالبارحة اللهم اختلاف الوجوه .

8- تجاهلت التعديلات المقترحة وضع تعديلات تكفل وتضمن حق المصريين في الخارج في التصويت سواء عبر الاستفتاءات العامة أو الانتخابات العامة.

وإذ يؤكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على أن الدستور الحالي يحتاج إلى تغيير كامل، فانه يقدر أن التعديلات المقترحة من اللجنة جاءت لتتلاءم مع المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد لحين تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد، إلا أنه يرى أن ما يقدمه المركز من اختلافات مع مقترحات اللجنة أو ما طرحه من أفكار يرى أنها ضرورية ولازمه خلال هذه المرحلة الانتقالية لنضمن عدم وجود قيود ترهق الحق في الترشيح من ناحية، وتضمن نزاهة وشفافية العملية الانتخابية ورقابة القضاء عليها من ناحية ثانية.

المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية