الأربعاء، يناير 07، 2009

الحركة النقابية يمكن أن تنقذ غـــزة

بقلم : جمال البنا ٧/ ١/ ٢٠٠٩

كان المفروض أن تتم سلسلة «الحزب الديمقراطى الاشتراكى الإسلامى هو الحل»، وكتب المقال بالفعل، ولكن أحداث غزة لا يمكن أن تنتظر، إن الإبادة والتدمير بلا رحمة، ولا إنسانية، ولا ملاحظة لقوانين دولية، وإلقاء القنابل على سيارات الإسعاف والمستشفيات والأطفال والنساء، تتطلب عملاً فعالاً يوقف هذا الجنون الإسرائيلى.أما الحكومات فلا فائدة منها، فقد شلت عملها التزامات ومصالح، وخوف وإحجام، وحرص على السلامة، فلم يستطع وزراء الخارجية العرب الاتفاق على سياسة فعالة. حتى الأمين العام للجامعة العربية اعترف بعدم جدوى إرسال الوفود للأمم المتحدة لأن اتخاذ قرار فعال مستحيل مع الفيتو الأمريكى الذى يمكن أن يُفشل إجماع مجلس الأمن، ولأن القرار حتى لو صدر فلا قيمة له أمام الهجوم العسكرى المستمر، وانتهاكات إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن معروفة وعديدة.هناك قوة لم يذكرها أحد لأن حكوماتنا بقصر نظرها، حجمتها واستبعدتها هى الحركة النقابية العمالية التى تمثل تمثيلاً أميناً ومباشرًا الشعب الذى ثار وتجمع وتحدى بطش الحكومة، وأعلن بكل ما يستطيع من قوة الرفض لهذه السياسة الإسرائيلية والإدانة الكاملة، إن الحركة النقابية مارد منوIم، فأيقظوه، لأنه وحده هو الذى يمكن أن يؤثر أثرًا إيجابيًا على المعركة التى تدور رحاها دون أن تجد ما يوقفها.لقد أثبتت الحركة النقابية جدواها فى تاريخنا الحديث فى أكثر من مناسبة فى حرب ١٩٥٦ عندما قطع عمال البترول العرب فى سوريا وغيرها إمدادات البترول، وكذلك عندما حاولت نقابة البحرية الأمريكية المتأثرة بالدعاية الصهيونية محاصرة الباخرة العربية «كليوباترا» فى ميناء نيويورك وحالوا دون تحركها، أو إمدادها بالمؤن، فتحرك عمال الموانئ العربية كلهم وقاطعوا خدمة البواخر الأمريكية فى كل الموانئ العربية، ووجدت النقابة الأمريكية أنها تحاصر سفينة فى حين أن العمال العرب يقاطعون كل البواخر الأمريكية فى كل الموانئ العربية، فأقلعوا عن خطتهم الحمقاء.يمكن اليوم أن يقاطع عمال الموانئ العربية البواخر الأمريكية، فى كل الموانئ العربية فلا يقدموا لها أى خدمات حتى يتعطل سيرها.أنادى العمال الذين يعملون فى تموين إسرائيل بالغاز المصرى أن يكفوا أيديهم حتى لا يصل سنتيمتر من الغاز إلى إسرائيل.ولا يقف الأمر عند عمال الموانئ، إن عمال المطارات لا يقلون أهمية، وعندما يقاطع العمال العرب فى كل المطارات العربية الطائرات الأمريكية، فسيجعل هذا أمريكا تسمع الصوت العربى وتخضع له أو على الأقل تساوم فى سبيل تسوية مشرفة.وعلى كل الذين يعملون فى دول لها علاقات وسفارات مع إسرائيل، أن يمتنعوا تمامًا عن تقديم أى خدمة لهم، وهل يمكن لعاقل أن يلومهم، وقد أصبح الإسرائيليون قتلة وسفاحين لا يتبعون حرفاً واحدًا مما توجبه القوانين والأوضاع الإنسانية.

أقول أين اتحاد العمال العرب، فهذا يومهم؟

أقول لاتحاد العمال فى كل دولة عربية، إن أمامه طريقا مفتوحا للمشاركة فى أنبل معركة وأشرف جهاد، عندما يقاطع كل المصالح الأمريكية والإسرائيلية.عندما سلم شاه إيران لشركة إنجليزية حق بيع وشراء التنباك، استصرخ جمال الأفغانى آية الله الإيرانى الذى أعلن تحريمه للتنباك، فامتنع الناس جميعًا، وعندما طلب الشاه «نارجيلته»، قالوا لقد حرم آية الله العظمى التنباك.. فاستسلم الشاه واضطر لإلغاء قراره مع الشركة الإنجليزية.أقول لعمال مصر، وعمال كل الوطن العربى أنتم ترتكبون خيانة سلبية أثيمة أمام الله سيحاسبكم عنها، وأمام الأجيال الآتية، إنكم وقفتم راضين، ساكتين على أعظم إجرام عرفه العصر الحديث على الشعوب والجماهير والأطفال والنساء، وكنتم تستطيعون أن تساهموا فى إيقافه، وأن تقدموا العون لإخوانكم فى غزة.وإذا أبدت الحكومات مضايقة أو حاولت إيقافكم فقولوا لها دعونا، وإلا فإننا سنحول مقاطعاتنا وإضراباتنا لكم، إن المظاهرات الكثيفة، المخلصة، التى تكاد تجعل الحجر ينطق لم تنل شيئاً من قلوب قادتنا القساة الذين أعماهم وأصمهم الحكم والسلطة والمصالح، وتملك الذعر والجبن والخوف قلوبهم، فإذا لم تجد المظاهرات، وإذا لم تثبت مقاطعة عمال الموانئ والمطارات، فإن الإضراب للضغط على الحكومات لكى تنفذ مطالب الشعب هو وحده الذى يمكن أن يجعل حكوماتنا البليدة تتحرك، هو الذى يمكن للآذان الصماء أن تسمع.ولا يقولن أحد إن الإضراب السياسى ليس من عمل النقابات، فعندما يتعلق الأمر بإبادة شعب مجاور لمصر، وله حقوق عليها، ولا يفصله عن مصر إلا خط وهمى وعندما لا توجد وسيلة للحيلولة دون استمرار الوحشية الإسرائيلية، إلا ما يمكن أن تقوم به النقابات - عندئذ يكون قيامها فرضًا مقدسًا، وتكون مرتكبة أعظم خيانة لوطنها وشعبها إذا تخلت عنه.إن القضية الآن ليست قضية أجور، إنها قضية دماء تسفك ليلاً ونهارًا دون أن تجد من يوقفها، إنها قضية أمن الوطن وسلامته، لأن أمن غزة أمن لمصر، ودفاعنا عن غزة هو دفاعنا عن مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق