السبت، مايو 29، 2010

ما نشر عن ناجى رشاد عبدالسلام فى صحيفة الاخبار اللبنانية عدد الاثنين 29 مايو 2010

ناجي رشاد: المناضل الطبقي على طريقة YOUTUBE


مئات الآلاف من عمال مصر شاركوا في الإضرابات المطالبة بحقوقهم خلال السنوات الأخيرة. آلاف الوجوه التي يصعب تمييزها عن بعد. وجه ناجي رشاد أحد تلك الوجوه الساخطة. برز اسمه مع جيل جديد من القادة العمّاليّين، ولد خلال الحركة العمالية التي انفجرت بعد خمود طويل.
في نيسان (أبريل) 2007 كان من بين قادة اعتصام عمال المطاحن، وكانت تلك المرة الأولى التي يحتجّ فيها هؤلاء العمّال.
«حياتي قبل ذلك التاريخ كانت من دون قيمة، لكنّ إضراب عمال المحلة في كانون الأوّل (ديسمبر) 2006 ألهمنا في شركة المطاحن كما ألهم كلَّ عمال مصر».
بعد ذلك الاعتصام المفصلي، بدأ ناجي ينخرط أكثر فأكثر في أوساط النشطاء النقابيّين، ويتعرّف على القادة العماليّين المستقلة عن كثب. «كانت النقابات مجرد لجان للخدمات وليس لها أيّ دور في الدفاع عن مطالب العمال وحقوقهم»، يخبرنا. «لاحقاً، أدركنا أهمية ارتباط القادة العماليّين بعضهم ببعض، وبقضاياهم المشتركة، وعرفنا أهمية التجمعات العمالية المستقلة عن النقابات الرسمية».
صار رشاد نموذجاً لانتقال اهتمامات العامل من الهمّ الخاص المباشر إلى الهمّ الطبقي العام، بعدما رفع دعوى قضائيّة على الدولة بسبب تعطيل إقرار الحد الأدنى للأجور لكل عمال مصر. في قضيته الشهيرة تلك، طالب برفع الحد الأدنى للأجور من 112 جنيهاً (20 دولاراً) شهرياً إلى 1200 جنيه (200 دولار تقريباً)، مسترشداً بذلك بخط الفقر المقر دولياً. كان لحصول ناجي على الحكم بأحقية العمال في الحد الأدنى للأجور في آذار (مارس) الماضي، تأثير بالغ في الحركة العمالية. «كان الفضل أيضاً لعمال المحلة الذين تظاهروا في فبراير 2008 للمطالبة بالحد الأدنى للأجور، والقضية التي رفعتها كانت استجابة لمطلب رفعته الحركة العمالية بالفعل».
انتزع حكماً يعترف بأحقيّة العمال برفع الحد الأدنى للأجور في آذار (مارس) الماضي

إلى جانب نضاله القضائي، أنشأ ناجي رشاد أوّل مدونة للتعبير عن أوضاع العمال وحركتهم، وبدأ باستخدام الرسائل الإلكترونية في الحركة لحشد زملائه وتعبئتهم... بقيت الحركة العمالية بعيدة دائماً عن استخدام الوسائل الحديثة، لكنّ ناجي رشاد جعل مدوّنته «عمال مطاحن مصر»، عنصراً فعّالاً في الحراك النقابي. «التضييق الأمني علينا جعلنا نلجأ للوسائل الأحدث. كانت البيانات دوماً تقع في بد الأجهزة الأمنية والإداريّة. اعتبرنا المدونة بديلاً للبيانات»، يقول.
الوجه الذي تجده يدعو إلى التظاهرات عبر «يوتيوب» وعلى مواقع أخرى على الشبكة العنكبوتيّة، توقّع ألّا يستجيب العمال لمدوّنته، ثمّ فوجئ لكن بانتشارها وتأثيرها بين العمال «حتّى أصبحت من أهمّ وسائل الاتصال والتعبئة»، حسب قوله. «ورغم ذلك لم ننجُ من الملاحقة».
جرأة رشاد في المطالبة بالحد الأدنى للأجور، ونشاطه على الأرض وعلى الإنترنت، لم يمرّا من دون ثمن. كان ذلك سبباً مباشراً في مواجهته سلسلة من التحقيقات والملاحقات انتهت بإبعاده من «شركة مطاحن القاهرة والجيزة»، رغم حصوله على أحكام قضائية تقضي بعودته إلى الشركة، إذ امتنعت الإدارة عن تنفيذ تلك الأحكام، ما دفعه وزملاءه للاعتصام أمام باب الشركة للمطالبة بالعودة، حتى اضطرت الإدارة والنقابة الرسمية إلى التفاوض معه والوصول إلى اتفاق بعودته.
ناجي رشاد الذي ولد عام 1964 في الجيزة، وتخرج من «المعهد الفني التجاري» في القاهرة، ثمّ التحق بالعمل في «شركة مطاحن القاهرة والجيزة» عاش معظم فترة عمله في فترة ركود الحركة العمالية التي تآكل خلالها القادة العماليّون، الذين صعدوا في السبعينيات والثمانينيات، لكنّ ناجي، الذي ألهمته الحركة العمالية الصاعدة في 2007، ودفعته ليؤدّي دوراً قيادياً، وسّع اهتماماته لتشمل جملة الأوضاع السياسية والاجتماعية. هكذا، صار عضواً مؤسساً في «حزب الكرامة» اليساري القومي، لكنّ استقلال الحركة العمالية، وعدم إخضاعها للمصالح الحزبية، بقيا ماثلين أمام عينيه.

فُصل من العمل بسبب نشاطه النقابي الميداني، وعبر مدونته على الإنترنت

«هناك قوى سياسية وأحزاب كثيرة تعاملت مع الحركة العمالية في مصر تعاملاً نفعيّاً. لذلك كنا حريصين على استقلالية الحركة العمالية التي ينبغي أن تضمّ العمال على أساس المصالح الطبقية المشتركة، لا على أساس الانتماء السياسي»، يقول. «انتمائي السياسي لا يتناقض مع دوري في الحركة العمالية بل على العكس يدعمه، فالعامل المسيّس والواعي يستطيع أداء دوره في الحركة العمالية أكثر من غيره، بشرط عدم فرض المصالح الحزبية على الحركة العمالية»، يضيف.
انطلاق الحركة العمالية على نطاق واسع وغير مسبوق منذ إضراب المحلة الأول، جعل الجيل الجديد من قادة الحركة العمالية يتنبّهون أكثر فأكثر إلى الفراغ النقابي. موقف التنظيم النقابي الرسمي المتخلّي عن الحركة، لا بل والمعادي لها، جعل القادة الصاعدين يعون ضرورة التنظيم في صفوف العمال.
في هذا السياق، كان من البديهي أن تتجه الحركة إلى تنظيم نفسها بنفسها.
«تبعية التنظيم النقابي الرسمي للدولة جعلت العمال يشعرون بأن ظهرهم مكشوف»، يسرّ إلينا رشاد. ويضيف: «رغم أن العمال نجحوا في تنظيم أنفسهم في الحركة عبر لجان الإضراب التي كانت تقود الاحتجاجات، فإنّ وجود تنظيم نقابي واسع ومستقلّ ودائم لا يزال يمثّل احتياجاً مهماً للحركة العمالية».
الحديث عن الوعي العمالي وتحوّله من المعارك الفردية إلى لحركة جماعية، وتطور مطالبه من الجزئية إلى الكلية ليس مجرّد حديث نظري. ناجي رشاد اختبر ذلك على الأرض. «العاملات شاركننا في الاحتجاجات، بل كنّ يقدنها ويبتن في كل المواقع في أماكن الاعتصام، وهو ما لم تستطع حركات النخبة القيام به»، مثال يقدّمه صاحب مدوّنة «عمال مطاحن مصر» من بين عشرات الأمثلة، ليؤكّد أن الحركة العمالية لديها من الإمكانات والقدرات الكثير.



5 تواريخ

1962
الولادة في الجيزة (مصر)

1988
التحق بالعمل في «شركة مطاحن جنوب القاهرة والجيزة»

2007
قاد مع زملائه اعتصام عمال المطاحن

2008
أنشأ مدوّنة عمالية سبّبت ملاحقته وفصله من العمل

2010
فاز بالدعوى التي تقدّم بها لرفع الحد الأدنى للأجور لعمّال مصر


عدد الاثنين ٢٤ أيار ٢٠١٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق