الثلاثاء، يوليو 05، 2011

الحد الأدنى للأجـــــــور طـــريق للعدالة الاجتماعية

يكتب:

بره القفص زقزقة زقزق يا طير من القلب

الدنيا مش ضيقة لو بس تعرف تحب

عرفت أعتاب بيوت لكن ما خطيتهاش

ودقت ياما الموت والقلب برضك عاش.

الاثنين سوا الاثنين البذرة ويا الحصاد

الفجر أبيض جنين والموت شهادة ميلاد

من رباعيات: عبد الرحيم منصور

نعم كان موت شهدائنا … شهداء الثورة … شهداء الطبقة العاملة … شهادة ميلاد لوطن جديد ومجتمع جديد … ولم يعد أمامنا إلا أن ننتزع حقوقنا وحرياتنا … تمجيدا لشهدائنا واحتراما لتضحيات شعبنا العظيم … وأن نبني وطنا خاليا من الاستغلال والاستبداد والفساد … ومجتمع للعمل اللائق “أجر عادل .. أمان وظيفي .. حرية نقابية .. ضمانات اجتماعية وصحية” .. وتحقيق شعارات ثورتنا المجيدة:

“حرية .. كرامة .. عدالة اجتماعية”

تعد الأجور آلية من أهم آليات تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحقيق العدل في توزيع الدخول في المجتمع، وتقسيم القيمة المضافة الناتجة عن العملية الإنتاجية بين العمال وأصحاب العمل، ناهيك عن مراعاة حق كل المواطنين في المشاركة في الثروة الوطنية، والتقريب بين الملاك والعاملين، بين عوائد الملكية وعوائد العمل.

ويعد الأجر من أهم القضايا التي تؤثر في مصالح العمال وحقوقهم، وهو الموضوع الأهم في علاقات العمل.

كما تعد الأجور من أهم مكونات الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع، حيث يمثل أصحاب الأجور وأسرهم الأغلبية العظمى في أي مجتمع، أغلبية المستهلكين بالإضافة لكونهم المنتجين، والقوة الشرائية الهامة في أي سوق.

وتتحدد الأجور بطرق مختلفة طبقا للعلاقات السائدة في المجتمع. حيث تكون من خلال قرارات منفردة من أصحاب العمل وحسب إرادتهم ومصالحهم، أو من خلال اتفاقيات جماعية بين العمال وأصحاب العمل وبرعاية وضمان الدولة، أو من خلال الدولة مباشرة بفرض تشريعات عامة، أو من خلال أجهزة أو آليات تختص بالنظر في تحديد الأجور وتطويرها والمشاركة بين العمال وأصحاب العمل من خلال ممثلين معترف بهم ومرضي عنهم من كل قطاع وفي حضور ممثلين عن الدولة باعتبارها مسئولة عن إدارة المجتمع وضمان الاستقرار والأمان والسلام الاجتماعي فيه.

وعادة ما تستخدم آليات التفاوض، أو التوفيق، أو التحكيم بين طرفي العمل عند اختلال هياكل الأجور, ويظل في الخلفية دائما سلاح العمال في تحسين أجورهم والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم “الإضراب عن العمل” خاصة عند غياب أو تأخر أطراف الحوار الاجتماعي عن القيام بأدوارهم وواجباتهم في العدل والسلم الاجتماعيين.

ويجب التفرقة دائما في موضوعنا بين الأجور النقدية والأجور الحقيقية. فالمهم في الأجر ليس ما يتلقاه العمال في أياديهم من نقود، ولكن ما يمكنهم الحصول عليه من سلع وخدمات بهذه النقود وبما يوفر لهم ولأسرهم الحياة الكريمة. فإذا زادت الأجور النقدية في ظل زيادة أكبر لتكاليف المعيشة (من غذاء وكساء ومسكن وصحة وتعليم .. الخ)، فتكون النتيجة الأكيدة هي انخفاض الأجور الحقيقية وأنخفاض مستوى معيشة العمال بما يجعل حياتهم أصعب وأسوء. وهو بالتأكيد عكس ما يستحقونه وما تقضتيه العدالة من حقهم في الحياة الكريمة التي تليق بكل إنسان وبكرامة الإنسانية ذاتها.

ما هي أسس تحديد الأجر العادل؟:

عند الرغبة أو توفر الإرادة السياسية والإنسانيا في تحديد الأجور على أسس عادلة، يجب مراعاة الآتي:

1- أن يضمن الأجر تحسين مستوى معيشة العاملين وأسرهم، وأن يوفر مستلزمات الحياة الكريمة لهم.

2- أن تتناسب الأجور مع الدخول الأخرى- عوائد الملكية والريع- في المجتمع.

3- أن توضع ضمانات تكافؤ الأجر عند تساوي قيمة العمل للعمل وبغير تمييز (المساواة).

4- أن تتناسب الأجور مع الظروف الاقتصادية لمنشآت العمل، وأوضاع تشجيع الاستثمار المطلوبة للمجتمع (التنمية والكفاءة الاقتصادية).

5- أن يستند الأجر لقواعد التطوير المستمر، (سلم متحرك يربط الأجور بالأسعار).

لكن كيف تحدد الأجور في المجتمعات؟

تحدد الأجور في المجتمعات، بأحد الطرق الآتية:

1- بإرادة صاحب العمل والاتفاق الفردي مع كل عامل على حدة، طبقا لأوضاع سوق العمل.

2- من خلال اتفاقيات جماعية بين صاحب العمل والعمال طرفي علاقة العمل.

3- من خلال تحكيم اختياري أو حكمي، عند حدوث نزاعات حول الأجور.

4- من خلال مجالس أو آليات الأجور، والتي يتم تشكيلها بالتساوي والتكافؤ من ممثلين عن العمال وعن أصحاب العمل.

5- بتحديد الدولة معايير ملزمة لمستويات الأجور.

وتلتزم الدول في كل الأحوال- طبقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية- بأن تضمن لكل شخص فيها التمتع بشروط عمل عادلة ومُرضية، تكفل بحد أدنى: أجرا منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل دون أي تمييز، وعيشا كريما للعمال ولأسرهم.

ويعد تحديد حد أدنى للأجور الالتزام الأدنى للدولة تجاه المقيمين على أرضها لإعمال اعتبارات العدالة الاجتماعية. ويجب أن يضمن هذا الحد مستوى معيشة قياسي يضمن الكرامة الإنسانية للعمال وأسرهم. كما يجب مشاركة العمال وأصحاب العمل في أجهزة تحديد المعدلات الدنيا للأجور. كما يجب أن تكون المعدلات الدنيا للأجور ملزمة لأصحاب الأعمال والعمال، غير قابلة للتخفيض ولو باتفاقات فردية أو جماعية. كما يجب التأكد من علنيتها وعموميتها ومعرفة العمال وأصحاب العمل بها، وضمان ومراقبة التطبيق وبأن الأجور التي تدفع للعمال فعلا ليست أقل من المستويات الدنيا المحددة، ليس لحماية حق العمال في حد أدنى عادل للأجور وحماية أصحاب العمل من احتمال المنافسة غير العادلة فحسب، بل لضمان كرامة المواطنيين باعتبارها المسئولية الأولى والأسمى في أي دولة ولأي نظام حكم.

ويستهدف الحد الأدنى للأجور تحقيق عدة نتائج، من أهمها:

1- التغلب على الفقر، وتلبية احتياجات العمال وأسرهم، والذين هم أغلبية المواطنين.

2- توفير الحماية الاجتماعية بحد أدنى للدخول يضمن العيش للفقراء بكرامة.

3- توفير أداة فعالة للعدالة الاجتماعية، وتطوير استراتيجيات التنمية.

وتنطلق أنظمة تحديد المستويات الدنيا للأجور، من عدة منطلقات، لعل أهمها:

1- أن تغطي الأغلبية العظمى من العاملين في المجتمع.

2- أن لايقل أدنى أجر في المجتمع وتحت أي إدعاء عن حدود ضمان العيش في كرامة.

3- جواز إعلان أكثر من حد أدنى للأجور، (حديثي العمل، حملة المؤهلات المتوسطة، العليا، في الريف وفي الحضر، الأعباء العائلية، طبيعة النشاط الاقتصادي.. الخ).

4- أن لا يخفض أجر أي عامل بالاستناد لنظام تحديد الحد الأدنى للأجور.

إن تحديد حد أدنى للأجور ليس اختراعا أو ابتكارا يحتاج كل هذه الترددات والمراوغات، فهناك اتفاقيات دولية ملزمة للدولة المصرية وتعد بمثابة قوانين داخلية واجبة الاحترام والنفاذ تححد تفاصيل أجهزة وآليات وطرق والتزامات تحديد الأجر العادل وحدوده الدنيا التي لايجوز النزول عنها تحت أية حجج وفي أية ظروف، ولعل الحومة المصرية ووزراء المالية والعمل فيها على الأقل يدركون ذلك جيدا، ويعرفون أن واجب الدولة كل دولة وأي دولة هو ضمان كرامة مواطنيها في العيش بحرية وعدالة ومساواة كل المواطنيين من يعملون ومن لا يجدون أو لايقدرون على العمل، أو هؤلاء الذين أدوا واجبهم وقاموا برسالتهم في العمل وخرجوا إلى المعاش، نعن جميعهم يستحق الحرية والكرامة والعدالة والاجتماعية وحد أدنى للدخل لايقل طبقا لمعليير منظمة العمل الدولية عن 1800 جنيه شهريا، وطبقا لتواضع الحركة المطلبية المصرية 1200 جنيه شهريا، على أن يكون ذلك توا حالا ومن الأمس، وليس خلال خمس سنوات.. عاشت الثورة المصرية ولتستمر حتى تحقق شعاراتها لكل الشعب “حرية زز كرامة ..عدالة اجتماعية”. والمجد والخلود لشهدائها.

صابر بركات *

*عضو اللجنة المصرية لحماية حقوق العمل

يونية 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق